إعادة الهيكلة | المفهوم والمحفزات وآلية العمل

إعادة الهيكلة .. المفهوم والمحفزات وآلية العمل

على خلاف ما جرت عليه العادة عند كتابة أي بحث أو ورقة عمل، يرجع فيها الكاتب لمراجع ويقوم ببحث مكتبي ولو مبسط، سوف أتناول موضوعاً فنياً كإعادة الهيكلة بالكتابة من وحي القلم من خلال الحصيلة المتواضعة من التجارب التي مررت بها في هذا المجال، ولعل في الطرح التلقائي ما يقدم خلاصة مبسطة قريبة الوصول وسهلة المنال.

فمفهوم إعادة الهيكلة “Re-Structuring” -من وجهة نظري- هو إعادة التشكيل “Re-Shaping” التي قد تتم إما بشكل شامل للمؤسسة أو الشركة، أو بشكل مختصر يقتصر على إعادة ترتيب إدارة من الإدارات أو قسم أو وحدة عمل صغيرة، وذلك كنتيجة لتغير في التوجهات أو الأهداف الاستراتيجية (اتجاه قيادي ومبادر Proactive Approach) وليس بالضرورة أن يكون المحفز لإعادة الهيكلة هو وصول المؤسسة أو الشركة لوضع سيء تشغيلياً أو متعثر مالياً، وإن كان ذلك بحد ذاته سبب قوي ومحفز رئيسي من أسباب إعادة الهيكلة (اتجاه ردة الفعل أو الاستجابة Re-Active Approach).

إعادة الهيكلة هي عملية إعادة التشكيل سواء بشكل شامل للشركة ككل، أو بشكل جزئي لإدارة، أو قسم، أو وحدة عمل.

وعليه فمفهوم إعادة الهيكلة سواء بالاتجاه القيادي أو كاستجابة لتعثر تشغيلي أو مالي يجعلنا ننظر إلى عملية إعادة الهيكلة نظرة إيجابية بكونها جزء من عملية التحسين المستمر “Continues Improvement”، خاصة لو كان المحفز لإعادة الهيكلة الشاملة هو التغيير والتحديث الحاصل في استراتيجية الشركة أو المؤسسة أو التغير الحاصل في الخطة التشغيلية، فالهيكل والعناصر الهيكلية صدى ومرآة للاستراتيجية والخطة، والغاية من تصميم وبناء الهيكل ومكوناته هو تنفيذ استراتيجية وخطة عمل ولا يجب أن يمنح صفة الثبات والحصانة من التغيير، ولا ينبغي أن يكون لدى صناع القرار أي حرج من التغيير ولا اعتبار ذلك أمراً معيباً أو اعتباره مؤشراً سلبياً لدى جمهور المساهمين أو الأطراف الخارجية.

محفزان أساسيان لإعادة الهيكلة.. التغير في التوجهات والأهداف ووجود تعثر مالي أو خلل تشغيلي.

آلية ومسار إعادة الهيكلة
آلية ومسار إعادة الهيكلة

فإذا كان هذا هو الشأن حول مفهوم إعادة الهيكلة ومحفزاته .. فكيف تتم عملية إعادة الهيكلة وما هي آلية العمل؟

أولاً: مرحلة التقييم “Assessment & Gap Analysis”

إن تقييم الوضع الحالي للشركة أو المؤسسة يبدأ باستقراء وفهم توقعات قيادة الشركة أو المؤسسة حول التغيير العاجل والملح والمطلوب، ويفضل أن يكون استقراء توجهات الرئيس التنفيذي وأعضاء مجلس الإدارة أو معظمهم ومدراء الصف الأول بشكل فردي وذلك حتى لا يؤثر رأي أياً منهم على رأي البعض من جهة، ولتعظيم التصورات مقارنة بالنقاش الجماعي من جهة أخرى، ثم يتبع عملية استقراء التوقعات إجراء تقييم وفحص إداري باستخدام أي أداة أو قالب من القوالب الاحترافية سواء سباعية مكنزي “McKinsey 7S’s” أو نموذج الجودة الأوربية “EFQM Model” أو غيرها وليس هذا مكان بسط الحديث حولها، أياً كانت الوسيلة المرشحة فكل الطرق تؤدي إلى روما.

ويمكن أن يؤدي المهمة مَورد داخلي كمدير الموارد البشرية لو كان متمكناً، أو مدير تطوير الأعمال -إن وجد- أو الاستعانة بطرف خارجي صاحب اختصاص، المهم أن ينتج لدينا -في نهاية الأمر- تقرير فحص للوضع الحالي وتحديد الفجوة “Situation and Gap Analysis” بين الوضع الحالي والوضع المطلوب أو المثالي، وسيشكل تحليل الفجوة أساساً لتحديد روشتة التصويب بشكل عام من حيث أهداف إعادة الهيكلة دون التطرق إلى الطرق والآليات التي سوف تستخدم في التغيير وإعادة الهيكلة.

ثانياً: مرحلة التصويب العاجل (Corrective Action Plan CAP)

ويقصد بهذه المرحلة الملحة والطارئة هي مرحلة تصحيح وتصويب الأمور والإشكالات التي لا تحتمل التأخير وهي حصر الأوضاع المزعجة التي تشكل نزيف للشركة أو المؤسسة والمبادرة دون تأخير في تصويبها، ومن أمثلة ذلك لا على سبل الحصر الخلل في آلية استلام وتسليم وضبط المواد، أو ضعف وإهمال متابعة تحصيل أرصدة متقادمة قد تتحسن بتعيين شخص أو فريق قوي أو إحالة الصعب منها لمحامي متمكن، أو وجود وضع ملفت في المرتجعات وغيرها من أوضاع لا تحتمل التأخير ولا تنظر لأثرها على التكلفة أو ربما استدامة البيع ورضى العملاء.

ثالثاً: مرحلة التنفيذ “execution

وهي المرحلة الثالثة والتي سوف تتم بحسب القالب المعتمد، فلو افترضنا أن النموذج المستخدم في إعادة الهيكلة هو سباعية مكنزي “McKinsey 7S’s” مثلاً فيفترض أن يصبح لدينا قائمة من الأنشطة والإجراءات التغييرية في كل ركيزة من الركائز السبع، ويتم التنفيذ حسب جدول زمني محدد ومتفق عليه بين الأطراف أصحاب المصلحة، والمهم بهذه المرحلة أمران لا تخفى على العاملين بشئون إعادة الهيكلة؛ فالأمر الأول هو مشاركة منسوبي الإدارة أو القسم بعملية التنفيذ ليكونوا جزءً من الحل لا شكل من المقاومة ولتحقق الشركة منفعة تدريبهم وتأهيلهم على التعديل الجديد، والأمر الثاني هو أن يتم التصويب والتصحيح بشكل موثق وبشكل أدلة وسياسات وإجراءات مكتوبة ليكون العمل والتصحيح مستدام ومؤسسي ويجب أن تتم مهمة التوثيق وصياغة ومراجعة الأدلة والسياسات والإجراءات المصاحبة لإعادة الهيكلة والتصحيح بمشاركة فريق العمل.

تعتبر سباعية مكنزي “McKinsey 7S’s” أو نموذج الجودة الأوربية “EFQM” قوالب ممتازة لإعادة الهيكلة.

رابعاً: مرحلة الإقفال “Closing Stage

وهي المرحلة الأخيرة من مشروع إعادة الهيكلة، وتعتبر هذه المرحلة خطوة إقفال الدائرة (Closing the Loop) والتي تهيء وتؤسس لعملية الصيانة الدائمة للأنظمة والسياسات والإجراءات، وتركز هذه المرحلة على نقل المخرجات وتسليمها لإدارة الالتزام (Compliance) وتأهيلهم على منهجية الفحص والتدقيق والتحديث عند الحاجة، وسيكون العمل رائعاً لو كان لإدارة الموارد البشرية أو وحدة التميز المؤسسي -إن وجدت- حضور في المشروع بكافة مراحله وفي المشهد والمرحلة الأخيرة باعتبارهم الجهة الفنية المعنية بملكية الملف التنظيمي في المؤسسة أو الشركة.

ختاماً لنتذكر أن الهيكل والعناصر الهيكلية هي صدى واستجابة للاستراتيجية والخطة التشغيلية، فيجب أن تتغير استجابةً للتغير في الاستراتيجية أو الخطة وكذلك كمعالجة لوضع سيء، وبغض النظر عن النموذج والقالب المرشح لإعادة الهيكلة فيجب أن تبدأ هذة العملية بتقييم وفحص الوضع الحالي لتقديم ورقة عمل وروشتة تصويب تستخدم في مراحل المشروع التالية من تصويب عاجل تقتضيه الحالة ثم مرحلة التنفيذ، ولتحقيق استدامة في العمل ومخرجات المشروع يجب أن تنقل التجربة ومخرجاتها لإدارة الالتزام وأن يسلم الملف فنياً للموارد البشرية أو وحدة التميز المؤسسي كجهة مالكة ذات اختصاص.

دور وحدة الالتزام بالغ الأهمية كجهاز يساهم في صيانة الأنظمة والسياسات والأدلة.

هل لديك أي سؤال حول هذا الموضوع؟ تواصل معنا

مشاركة المقالة

18 فكرة عن “إعادة الهيكلة | المفهوم والمحفزات وآلية العمل”

  1. خالد السالمي

    شكراً استاذي الفاضل على هذا المقال الوضاح و الشرح والتبسيط لشي مهم وحيوي لاي بزنس

  2. محمود علي عمر

    البساطه في الاسلوب والتشويق هما جناحي طائر 🦅 يريد ان يوصل مقاله للاخرين وانت يادكتور صقر كالعاده في مقالاتك الجميله

    1. تعليقك رائع أخي محمود …. اتفق معك البساطة مهمة جداً في توصيل أي فكرة …. ومعيار هام في التواصل المكتوب والمنطوق
      يا رب يمنحنا التوفيق في تبسيط الأمور وتقديم ما ينفع

  3. طارق العمودي

    ابو يوسف اسلوبك في الطرح و توصيل المعلومة بسيط و راقي … ما شاء الله تبارك الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top
فتح محادثة سريعة
تحتاج للمساعدة؟
السفياني لاستشارات الأعمال
مرحباً..
للرد السريع من فضلك أرسل لنا عبر الواتساب.